Share |

November 7, 2007

لمى ولادك يا مصر


«نشاطركم الأحزان»، بيان الأسي الذي أصدرته وزارة الخارجية، تعليقاً علي حادث انتحار ١٤٧ شاباً مصرياً في مياه البحر المتوسط، قبالة السواحل الإيطالية، يدعو للأسف والألم والحسرة.. الخارجية تشاطر أهالي المفقودين أحزانهم، وتقدم خالص العزاء لأسر المتوفين، للعلم: سنعيد الجثامين علي نفقة الدولة إلي مصر.
سعيكم مشكور، والله وفيكم الخير، من قال إن الجثامين تريد العودة إلي مصر، ولو حتي علي نفقة الدولة؟! لو هذه الجثث بتنطق لرفضت العودة،
لو دبت فيها الروح، وكتب لها النجاة من الغرق، لحاولت ألف مرة الهرب من مصر، البعض يفضل الغرق في المتوسط علي السباحة في النيل.
يارب تكون آخر الأحزان، افرحي يا حزينة، الشباب راجع، الجثمان راجع، الخارجية كتر خيرها هتعيد الجثمان، هتدفع ثمن الأكفان، خلاص فرجت، ربنا يخلي الخارجية ووزير الخارجية والحكومة ورئيس الحكومة، اللي مالوش أهل الحكومة أهله، والله ما قصروا، عملوا اللي عليهم، مصر بتقولكم البقية في حياتكم.
قتلوا الأحلام ومشوا في الجنازة، قتلوا الشباب ومشوا في الجنازة، نحروهم بقلوب باردة، بدماء باردة، صلوا علي الميت، نرجوكم صلاة الغائب علي من في البحر ومن في البر ومن في بطون السمك، «والله يا دايم هو الدايم ولا دايم غير الله»، طبعا حافظين طقوس دفن الموتي.
نأسف وسنعيد الجثمان، الجثمان سيعود في صندوق من زنك بارد، الأمل سيعود ملفوفاً في الأكفان، كفن الأمل غال، والغالي ثمنه فيه، فين المعددة تعدد علي راس الميت، فين النيلة تتنيل بيها النسوان، انثروا الورد علي وش مية الغُسل، رشوا الجثمان بماء الورد، ريحة الجثة فاحت، رائحة الفساد والإحباط والألم والعجز والعدم، عندما يتساوي قاع المتوسط مع قاع المدينة، عندما تسود الحيتان كل القيعان، ابكي عليه وقوللي «دا كان جدع شملولي».
وبالدمع جودي ياعين علي اللي مات غريق في بحار غريقة، عاش غريبا في وطنه ومات غريبا عن وطنه، غربة في الدنيا وفي الآخرة وحين الممات، خطا مشيناها ومن كتبت عليه خطا مشاها، الموت انتحارا علي الشواطئ أرحم من الموت كمدا في قيعان بيوت خلت من عشاء ليلة نام فيها الصغار علي الجوي، في الليل يلين الزلط، ويصبح علكة يمضغها الصغار.
مكتوب علينا الألم، كتبوا علينا الألم، بحبر سري، حبر القهر والحرمان، قدر ومكتوب، والمكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين، ويا ما شفت آلام يا عين، من المهد إلي اللحد، كل الأيام زي بعضها، كل الليالي شبه بعضها، وبلدنا بتتقدم بينا، ومصر اليوم في عيد النووي، وولادها مرميين كالفسيخ المملح علي الشواطئ الإيطالية، لمي شبابك يابلد.
حتي الجنسية المصرية أنكروها، أنكروها وهم يغرقون، وهم يفارقون، يموتون كالبدون، لطفك يارب، كل جثة ترقد في القاع أو في بطن السمك أو تطفو علي السطح تناجي ربها لطمة علي وجه الحزب النووي، علي وجه الحزن الوطني، علي وجه نظام جاثم بعجزيه علي مواطن الرجولة في وطن صار خصيا لا يأبه بانتحار شبابه، وتسول أجداده، وانحراف بناته، ودموع أمهاته، وحزن جداته، جار علينا الزمن

.................................................................

حمدى رزق-المصرى اليوم

2 comments:

Anonymous said...
This comment has been removed by a blog administrator.
Unknown said...

ليك مليون حق طبعا