Share |

December 21, 2012

شىء فى «مبارك» يُحزنك

لا يحزن المرء لأن الرئيس السابق حسنى مبارك سقط فى حمام السجن، فأصيب بكدمات فى وجهه، وفى أجزاء متفرقة من جسده، مع اشتباه فى وجود نزيف بالمخ، بما استدعى نقله سريعاً إلى مستشفى المعادى العسكرى، لإجراء أشعة مقطعية على رأسه.. لا.. لا يحزن المرء لهذا السبب!
لا يحزن المرء لأن الرئيس السابق كان قد سقط من قبل عدة مرات، فى الحمام نفسه، وبالطريقة نفسها، ولم يفكر أحد فى عمل شىء من أجل إنقاذ حياة رجل فى مثل عمره، ولا أقول فى مثل منصبه السابق سياسياً كرئيس، أو عسكرياً كفريق فى الجيش، وإنما أقول من أجل عمره فقط الذى تجاوز الخامسة والثمانين.. لا.. لا يحزن المرء لهذا السبب؟!
لا يحزن المرء لأن رجلاً فى هذه السن قد قضى الشهور الأخيرة من حياته فى «طرة».. فما أكثر الذين قضوا أعمارهم كلها فى هذا المكان.. لا.. لا يحزن المرء لهذا السبب!
لا يحزن المرء لأن فريق الأطباء الشرعيين لا يكاد يذهب إليه، حتى يعود من عنده، ولا يكاد يعود من عنده، حتى يذهب إليه، أملاً فى إمكانية الإفراج الصحى عنه، لأسباب صحية خالصة.. لا.. لا يحزن المرء لهذا السبب!
لا يحزن المرء لأنهم حين ذهبوا به مساء أمس الأول، إلى مستشفى المعادى العسكرى للكشف عليه، بعد سقوطه الأخير إياه قد عادوا به سريعاً، إلى طرة فى لحظته، خشية أن يكون فى الموضوع شبهة رحمة به، من جانبهم، أو حتى إشفاق عليه.. لا .. لا يحزن المرء لهذا السبب!
لا يحزن المرء لأن محكمة القضاء الإدارى قد رأت تأجيل دعوى الإفراج الصحى عنه إلى 29 يناير المقبل، لاستيفاء الأوراق والمستندات المطلوبة.. لا.. لا يحزن المرء لهذا السبب!
لا يحزن المرء لأن القوات المسلحة قد رضيت أن يتعرض واحد من أبرز أبنائها لما يتعرض له الرئيس السابق، دون أن يكون لها رأى فى الموضوع، مع أننا نعلم أنها لو كان لها رأى آخر فيما يجرى له، لأخذت به السلطة الحالية على الفور، ولن يناقشها أحد، ولو شاءت القوات المسلحة أن يقضى فترة عقوبته فى بيته، فسوف يقضيها حيث يشاء الجيش وقياداته لا حيث يشاء أى طرف آخر.. لا.. لا يحزن المرء لهذا السبب!
ولا يحزن المرء حين يقال على لسان محاميه الأستاذ فريد الديب، إن الرئيس السابق فقد نصف وزنه، وإن صحته تدهورت للغاية، وإنه لا يقوى على المشى إلا بمساعدة، وإنه يسترجع ما جرى، وما حصل، ثم يصمت، ولا يتكلم، وإنه.. وإنه.. ثم لا يأبه أحد بهذا كله.. لا.. لا يحزن المرء لهذا السبب!
لا يحزن المرء لأن للإنسان حقوقاً يجب أن تتوفر له، حتى ولو كان سجيناً، فضلاً عن أن يكون رئيساً سابقاً، أو حاملاً لرتبة الفريق فى الجيش، ومع ذلك فلا أحد بيننا يتكلم عن حقوق «مبارك» السجين، لا الرئيس السابق، ولا الفريق.. لا.. لا يحزن المرء لهذا السبب.
لا يحزن المرء لأى سبب من كل هذه الأسباب، ولا يحزن لها مجتمعة، وإنما يحزن قطعاً لأن المشهد على بعضه، منذ بدايته يوحى وكأن مصر قد خلت تماماً من الإنسانية، ومن المروءة، ومن الشهامة، ومن الرجولة، ومن النخوة.. خلا البلد من هذا كله، وبدا وكأن المصريين جميعاً راغبون فى «رمى» مبارك فى طرة، والحقيقة أنها رغبة «الأندال» بينهم! لا لشىء إلا لأن المصرى «الطبيعى» لا يتصرف هكذا!
أقول هذا، رغم أنى لم أنتفع من الرئيس السابق بـ«مليم» طوال 30 عاماً له فى الحكم، ولم أعمل فى صحفه القومية ولم أسافر معه، ولم أكن مقرباً منه بأى حال.. ولم.. ولم.. إلى آخره.. فقط أقوله لأن الحكاية تغرى بالتأمل العميق، واستخلاص الدروس والعبر فى هذا الزمان
 

November 16, 2012

سب الدين لابن الرئيس

ضربنى وبكى وسبقنى واشتكى، ابن الرئيس يعنف أمين شرطة «ع الطريق»، يتلاسنان، يتشاجران، يتدخل الأهالى، يفر ابن الرئيس، يسبق، يحرر محضراً للأمين ويتهمه بسب الدين، وما أدراك ما سب الدين؟!، وتنقلب الداخلية وتحقق مع الأمين «وحده» سين وجيم، ويا ويلك ويا سواد ليلك، حصّلت سب الدين.. ولابن الرئيس!.
غريب أمر ابن الرئيس، يتدخل فيما لا يعنيه، شايف نفسه، فاتح صدره، لا حكومة تهم ولا ليمان يلم، أنا ابن الرئيس، حصل لنا الرعب والتهديد، سعادته بيتفقد الرعية فى العزبة الرئاسية، اشتغل يا أمين إنت وهوه، هتفضلوا لغاية إمتى واقفين، شوفوا شغلكم فاهمين؟ استوقفه الأمين، وانت كنيتك إيه؟! أجاب من طرف مناخيره: «أنا ابن الرئيس»، يرد الأمين: «إيه يعنى ابن الرئيس..
ارحمونا وبطلوا افترا»، الأمين عنده حق، مال ابن الرئيس بشغل الأمين، وماله بالكمين؟!، لواء شرطة اسم الله، ولا تفتيش وزارى؟!
أنا ابن الرئيس، أنعم وأكرم، سلام مربع للطريق الزراعى، إحمد ربنا إن أمين الشرطة لم يمسسك بأذى، وإلا لكانت فضيحة بجلاجل، تخيل أمين شرطة ضرب ابن الرئيس، وإيش عرف أمين الشرطة البسيط إن سعادتك ابن الرئيس؟ على الخد شامة ولا على الكتف علامة، ابن الرئيس لابد أن ينأى بنفسه - وبوالده الرئيس - عن الصغائر، ما ظهر منها وما بطن، يحترم مقامه لأنه من مقام الرئيس، ولا يعرض نفسه والرئيس لما لا يحبه الرئيس ولا يرضاه لمصرى بسيط، انتخبه رئيساً.
ابن الرئيس لا تخوله بنوّته للرئيس أن يعنف أمين شرطة، ولا أن يقف فى عرض الطريق صائحاً: «أنا ابن الرئيس»، فيخر الناس ركعاً وسجداً، حاشا لله، ولاد الرؤساء ميعملوش كده، ابن الرئيس «نموذج ومثال»، ابن الرئيس لابد أن يكون «مؤدب» وفى حاله، يبتعد بمسافة كافية عن الكمائن، كل يوم خبر عن ابن الرئيس، وخبر لا يسر عدواً ولا الرئيس.
يا بنى إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً، ولا تصعر خدك للناس، يا ولدى إمشى عدل يحتار عدوك فيك، ولا تمش فى الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور، واقصد فى مشيك بسيارتك واغضض من صوتك، عمال على بطال «أنا ابن الرئيس»، ولأن والدك الرئيس فعليه - كرئيس - واجب ترضية أمين الشرطة، وكوالد وجب لجم ابن الرئيس، اضرب ابن الأكرمين، أما الداخلية المطيباتية فكفى تحقيقاً مع الأمين، وبدلاً من تفقد ابن الرئيس الكمائن تفقدوها أنتم، شوفوا شغلكم بدلاً ما يوريكم شغلكم ابن الرئيس!

May 9, 2012

لعنة الله على ناشطى وناشطات الفضائيات .. لعنة الله عليك ياحازم صلاح أبواسماعيل

الناشط السياسى يحيى حسين عبدالهادى يكتب: مرشحو الرئاسة تجاهلوا جنازة شهيد الصاعقة ودعموا الاعتصام لأن الجيش بلا أصوات انتخابية

عقب غزوة أُحُد أخذت كل مجموعةٍ تبكى شهيدها ما عدا حمزة.. فوقف الرسول «عليه الصلاة والسلام» عند جثمان عمه سيد الشهداء وقال حزيناً « كلٌ يبكى على قتلاه.. إلا حمزة فلا بواكىَ له» وما نقص ذلك من ثواب وقيمة وقامة حمزة فى الأرض ولا فى السماء، إذ يكفيه رثاء سيد الخلق له.

ويوم الجمعة الأسود الماضى، مات مقاتل الصاعقة المصرى سمير أنور الكيال بطلقٍ نارىٍ فى البطن.. وضنّ عليه إعلام التهييج بلقب شهيد، رغم السخاء المفرط فى منح اللقب بعد الثورة لمن يستحق ومن لا يستحق.. مات المواطن المصرى سمير أنور ولم يترحم عليه أو يمشى فى جنازته أىٌ من مرشحى الرئاسة الذين ذهبوا للتضامن مع قاتليه، لأنه ببساطةٍ هو والجيش الذى ينتمى إليه ليس لهم صوتٌ فى الانتخابات.. مات الفلاح المصرى الرجل الحقيقى، ولم يتفضل أحدٌ من «الناشطين والناشطات» بوصفه بـ«الدكر» كما وصفوا به بعضهم البعض من قبل.. مات سمير الكيال ولم تضع أى قناةٍ من قنوات الخراب شارة الحداد على شاشاتها كما فعلت مع غيره.. مات الشهيد سمير ولم يُغّنِ له المطربون ولم يرسم له الفنانون «جرافيتى».. مات سمير ولم نلعن قاتليه، بل تبارى الأنطاع المتبجحون من الذين حرضوا على قتله فى التباكى على المتظاهرين السلميين الذين لم يستخدموا إلا الطوب والحجارة والعصى فى الهجوم على الجيش «هكذا قال أحدهم بالنص».. مات سمير وانضم إلى طابور شهداء ومصابى القوات المسلحة الذين ضحوا من أجلنا ورحلوا فى صمتٍ أثناء الثورة وبعدها دون أن تسمح تقاليد المؤسسة الوطنية بالإعلان عنهم «وقد أحسن الجيش صنعاً بالإعلان الاستثنائى فى حالة سمير».

يا لهف مصر عليك يا بنىّ، وشريط الشهور الماضية يمر بخاطرك ساعة الاحتضار وأنت غير قادرٍ على استيعاب وفهم ألاعيب الساسة وانتهازيتهم وقذارتهم.. أتخيلك وأنت تتذكر فى هذه اللحظة احتضان أبيك وأمك لك يوم ذهابك إلى التجنيد وانتسابك لخير أجناد الأرض.. ثم زهوْك بانتقائك من بين أصحابك للانخراط ضمن فدائيى الصاعقة.. ثم ارتفاع هامتك للسماء فخوراً بالموقف التاريخى لجيش الشعب مع ثورة يناير، وهتافك مع الناس «الجيش والشعب إيد واحدة».. ثم حيرتك مع بدء ألاعيب السياسة التى لا يفهمها ولا يجيدها جنود الوطن.. يكسب الإسلاميون تارةً فيهتف الليبراليون ضد العسكر.. ويكسب الليبراليون تارةً أخرى فيهتف الإسلاميون ضد العسكر «واللفظ نفسه غريبٌ على مسامعك وثقافتنا».. تدور آلة الإعلام الشيطانية بقوةٍ فتلصق كل نقيصةٍ بالجيش الوحيد فى المنطقة الذى لم تتلوث يده بدماء شعبه.. نقائص لا دليل عليها ولا يقبلها منطق، فهو الذى يشعل الحرائق فى المصانع والشركات ويسرق البنوك ويفتعل الأزمات التموينية ويحرض جماهير المصرى لتقتل جماهير الأهلى.. إلى آخر هذه الاتهامات العبثية التى يعجز إبليس نفسه عن إتيانها جميعاً.. لكنه الكذب والإلحاح عليه.. تمتلئ الشاشات بوجوهٍ غير تلك التى عانقتك، وزملاؤك يا سمير فى التحرير، لكنهم جميعاً «يا للغرابة» يتحدثون باسم الثورة ويتناطحون ولا يتفقون على شىء إلا سبابك دون أن تفهم لماذا؟ وبعد سهرات السباب الفضائية اليومية يذهب كلٌ منهم إلى بيته وتظل أنت ساهراً لحمايتهم فى شوارع مصر صيفاً وشتاءً إلى أن يستيقظوا ليعاودوا كرّة الهجوم عليك فى صحف الصباح، دون أن تستوعب لماذا؟. يمر عليك غلمانٌ من ثوار ما بعد الثورة وأنت واقفٌ فى الخدمة، فيشتمون قادتك بأقذع الألفاظ وأنت جندىٌ ملتزم بتنفيذ أوامر قائدك الأعلى بالصبر على سبه شخصياً وعدم الرد عنه، وأنت تسأل غير مقتنعٍ لماذا؟.. ثم يشتمونك شخصياً «وأنت الكريم ابن الكرام الذى لا يرتضى الذل ولا يقبل الضيم» ولكن الأوامر لك أن تصبر وتبتسم، وأنت لا تعرف ولا تفهم ولا تستوعب لماذا ينبغى على المقاتلين المنتشرين فى شوارع مصر أن يتحولوا إلى لوحات تنشين تتلقى هجمات السفلة ولا ترد ولا يردّ عنهم أحدٌ من ثوار الفضائيات؟..

أتخيلك وقد وصل المشهد العبثى إلى ذروته وأنت ترى نفس أولئك الذين يشتمونك يحملون على أعناقهم غلاماً دعا للتهرب من الخدمة العسكرية فى الجيش المصرى لأنه قد يحارب إسرائيل الصديقة الطيبة ذات يوم.. لعلك قد صرخت ساعتها فى لوعةٍ: هل أصبحت الخيانة وجهة نظر؟!. أتخيلك لحظة الشهادة وأنت تدافع عن مقر قيادة الجيش، وألم الرصاصة يعتصرك ولكن الحزن يعتصرك أكثر لأن قاتلك ليس من أفراد العدو الذى تمنيت لقاءه وتدربت على قتاله كثيراً، ولكنه واحدٌ من تحالف المتنطعين من بعض ذوى الذقون الطويلة وذوى الشعور الطويلة وذوى الألسنة الطويلة.

رحل سمير الكيال وتسابق المتنطعون للتباكى على قاتليه وعلى حُرمة مستودع الأسلحة فى مسجد النور.. أما سمير فلا بواكىَ له.. فتباً لنا جميعاً