Share |

September 29, 2008

يا خالد روح قول لابوك ميت مليون بيودعوك




كان الهتاف باكياً، كانت أمي تنتحب، كان والدي حيا، وجدي حياً، رب ارحمهما كما ربياني صغيراً، لماذا يا أمي كل هذا البكاء، إحساس فادح باليتم تلفعت به تلك الشابة السمراء فوق طرحتها السوداء وهي تمرق من بين الصفوف، تقطع الشارع الجديد، الذي يخترق بلدتنا الوادعة علي نيل الدلتا، لتودع حبيبا ألفته، الوداع يا حبيب الملايين.
تقاس الجنازات بطولها، كانت أطول جنازة تشهدها بلدتنا، كنت صغيراً لا أعي أنني أسير مع السائرين، فوق كتف أمي أتطلع لكل هذه العيون الدامعة، دمعة علي فراق أب عطوف، أخ كبير، إنسان عزيز، عبدالناصر أب كل هؤلاء، شقيق كل هؤلاء، إنه حتي لا يعرف أمي، كنت محظوظا وأعرفه، كان اسمه يتردد بين الفتية حين يشتد المضمار، كانت جائزة سباق الجري (الرمح) أن يلقب الفائز بابن عبدالناصر، كان الانتساب لناصر جائزة، ويستصرخونك «لو أنت ابن عبدالناصر بصحيح تقفز الترعة من الشط للشط» كانت قفزة هائلة، قفزة عبد الناصر، في الجنازة عرفت اسم ابن عبدالناصر.. إنه خالد، كانوا ينادون عليه في صوت واحد، صوت الوطن في تجليه الأعظم «يا خالد روح قول لأبوك ميت مليون بيودعوك» ولانزال نودعه حتي الآن.
لو لم يوجد عبدالناصر لاخترعناه حبا، ولولا المرتزقون المتنطعون زوراً وبهتاناً باسمه لكان حبه خالداً في القلوب، لم يسئ إلي ناصر قدر نفر من الناصريين، ولم يشوه ناصر سوي نفر من الساداتيين أيضاً، ولم يبتدع الخلافات من حول ناصر سوي هؤلاء الذين ظلموه بالتقديس حياً وميتاً.
ناصر حالة زعامة مدهشة، لاتزال أسرارها مغلقة علي ما فيها كأسرار الفراعنة، عبدالناصر كان فرعوناً، ناصر لا تفيه شرحاً الكلمات الكبيرة من قبيل الوحدة وعدم الانحياز وتحدي القوي الأعظم وطرد الملك وجلاء المحتل، سبر أغوار العلاقة التي تجذرت بين ناصر والبسطاء هي ألق ناصر الخاص، الوقوف علي أهداب تلك العلاقة كالوقوف علي أهداب الرموش تطرف العين فلا تري كيف صار الحب نهراً جارفاً.
ناصر الثورة حالة، وناصر العروبة حالة، وناصر الهزيمة حالة، لكن ناصر والبسطاء أكثر من حالة،استثناء، ظاهرة، بالله عليك كيف خرج كل هؤلاء النسوة من خلف الرجال من قعور البيوت ليودعن حبيب الملايين، هناك سبب أخرجهن، بالطبع لم يخرجهن الاتحاد الاشتراكي، ولسن من نسوته، ولم ينظمهن التنظيم الطليعي، ولسن من حريمه، خروج من أجل الحبيب، ناصر كان حبيباً.
ليس شرطاً أن تكون ناصريا لتحب ناصر وتعلق صورته في غرفة النوم، شاهدت صوره في البيوت الشيعية في جنوب لبنان، بعضنا يضع صورته أبيض وأسود مطلاً علي الجماهير علي شاشة هاتفه المحمول، شباب الجروبات والمدونات يتداولون تلك الصورة الشهيرة بينهم، بعضهم سمع عن عبدالناصر، حتي بعضهم سمع عن السادات، ولكن الحب كالكره لا تمحوه الأيام، ينتقل كالجينات من جد إلي سابع جد، سيأتي جيل بعد قرن من الزمان يذكر يوم ٢٨ سبتمبر - يوم وفاة الزعيم بكل خير


...................................


حمدى رزق - المصرى اليوم

18 comments:

حـنــّا السكران said...

عبد الناصر ..كان و لا زال ..كالحلم الجميل ..لكل البسطاء و الطيبين العرب ..بل إني سمعت هوغو شافيز بنفسه يقول ( أنا ناصريّاً )
و كان و لازال ..كابوسا لاّخرين ..و الاخرين الذين أقصدهم ليسوا من الشعب .و إن كان في الشعب من لا يحب ناصر أو من يأخذ عليه ماّخذ كثيرة قد يكون محقـّاً في بعضها .. و هي ماّخذ لا ينجو منها حاكم في اعتقادي ..من أقصدهم ..هم بعض القابضين على القرار العربي ( إن كان هناك قرار عربي ) و هؤلاء سيبقى ناصر كابوساً بالنسبة لهم لأنه أيقظ الحلم في عقول و قلوب البسطاء إلى ما شاء الله ..هؤلاء نفسهم الذين يدفعون ملايين الدولارات الان لتشويه صورة المقاومة و قائدها في لبنان و فلسطين أيضا..كما لا زالوا حتى هذه اللحظة يدفعون الأموال لتشويه صورة ناصر ..
ناصر كان زعيما ..بما تعنيه كلمة زعيم ..و هؤلاء صعاليك في ثياب قادة و زعماء ..أكمامهم أطول بكثير من أيديهم و أرجلهم ..لا يروا فينا سوى عبيدا ..و لا يروا في ناصر سوى سبارتاكوس ..العبد الذي أراد قلب القوانين رأسا على عقب ..
لذلك ..ناصر لا يموت و إن فنى جسده..طالما هناك إمكانية للحلم .
ـ شكرا يا أخ محمد
تحياتي لك .

Unknown said...

أستاذنا حنا السكران
...................

وهل يعرف أقدار الرجال الا الرجال؟

وصفك الدقيق للحالة الناصرية يثبت أن هذه الأمة لن تموت باذن الله

و رائع ما قلته " ناصر لايموت وان فنى جسده..طالما هناك امكانية للحلم"....شرفتنى بالزيارة يا أستاذنا و أعليت قدر مدونتى المتواضعة

جبهة التهييس الشعبية said...

:)
بس انا كنت فاكرة ميولك اسلامية
:))
عموما انا اكتر واحدة بتكره التصنيفات

Unknown said...

جبهة التهييس
.........

أنا مش مصدق نفسى....نوارة نجم بحالها هنا..تصدقى بالله..أنا حاعمل يوم 16 أكتوبر ده عيد قومى لمدونة مايهمش
...

سيبك من حكاية الميول دى أنا نفسى ما عرفش ايه ميولى..شوية اسلامى وشوية سياسة و شوية كورة...سمك لبن تمر هندى...تقدرى تقولى كوكتيل ميول...بس الحمدلله كلها ميول مشروعة

انتى بس عشان موضوع الشيخ القرضاوى عندك افتكرتينى اخوانى

شرفتينى يا نوارة وياريت ماتكونش أخر مرة تزورينى

mido said...

لولا كاتب المقال

كان هيبقى موضوع تحفة


اقرا ده

mido said...

كاتب المقال يمسح الجوخ لمبارك


http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=181418




كاتب المقال يمسح الجوخ لمبارك

Unknown said...

mido
......

أول شىء أهلا بك وسهلا زائرا و صديقا و طبيبا لمستقبل هذا البلد

بص يا سيدى ..مالا يدرك كله لا يترك كله..ولن تجد فى مصر كلها كاتبا صحفيا ترضيك جميع مقالاته و أرائه...فهناك توازنات مفروضة على الجميع شاءوا أم أبوا...فطالما لن ننال هذه الحيادية المطلقة فلنتسمتع بما نستطيع الحصول عليه..و الحقيقة كلامه عن ناصر هزنى جدا لأنى سمعت نفس الوصف ده قبل كده من جدى الله يرحمه ومن والدى و أعمامى و أخوالى..أنا وقت عبدالناصر ما مات كان عندى سنتين..مالحقتوش...لكن لحقت ريحته فى الجو

بالنسبة للمقالين اللى انت حاطط روابط ليهم..أنا قريتهم قبل كده...مقال المنوفية أنا مضايقنى انه عنصرى قوى وحاسس انه زيادة عن اللازم..بس فى الأخر واحد بيدافع عن قريته
اللى مختلف معاك فيه المقال التانى و أنا مش فاهم انت ازاى فهمته على انه مسح جوخ لمبارك...بالعكس..ده نبهدل حاشية مبارك وجمال وماسح بيهم البلاط..وذكره لمبارك و جمال محطوط بشياكة وبطريقة تستعديهما على الحاشية بدون نفاق لهما..مقال حلو بصراحة

عموما ياسيدى واحد زى حمدى رزق لو كتب 10 مقالات و منهم 2 يترموا فى الزبالة أحسن من محمد على ابراهيم ولا ممتاز القط اللى الواحد فيهم لو كتب 10 مقالات حايترمى منهم 11 فى الزبالة

mido said...

المقال الخاص بمبارك

نفس مشكلة الدفاع المرضى عن الرئيس الطيب المحاط بالبطانة السيئة (اللى الرئيس اختارهم)

بالنسبة للمقارنة بين حمدى رزق و بقية صحفيي الحكومة

متفقين

اقصوصه said...

الله يرحمه ويغمد روحه الجنه

فعلا,,رجل..والرجال قليل.!

عمرو said...

ولدت و كبرت و تعلمت فى عهد و مدارس عبد الناصر
ناصر لم يكن فقط رئيس أو زعيم بل كان أبا و أخا و عما و صديقا للفقراء و الحالمين بحياة كريمة
الله يرحمك يا أبويا عبد الناصر .. و لا مليون صعلوك يقدروا يملوا مكانك أبدا

الـسـيـدة نـون said...

لو انت ابن عبد الناصر صحيح تنط من الشط ده للشط ده


ياااااااااااااه
انا جسمى قشعر فى الجملة دى
اول مرة اعرف ان حب عبد الناصر وصل لهذه المرحلة لقلوب الناس ومجرد ارتباط اسمه باسم الانسان ده معناه مكافأة كبيرة جدا


شكرا ليك يا محمد
على نقلك لينا المقالة دى
تحياتى ليك

اختك خيخة

Unknown said...

ميدو
....
سعيد أننا اتفقنا فى الرأى

أقصوصة
......

أصبح الرجال معدومين وليس قليلين يا عزيزتى..شرفتينى و تشرفت برد زيارتك فى مدونتك

Unknown said...

عمرو
.....

الله عليك..وأنا كمان من نفس رأيك ونفس احساسك..شرفتنى جدا و مستنيك دايما

Unknown said...

نوران هانم الشاملى
..................

معقولة أم شريف نفسها عندى؟

ده أنا كنت قلقت من كتر ما بعلق عندك و تطنشينى وما بتزورنيش..قلت فيه اسفين حد اداهولى عندك ولا حاجة..بس الحمدلله جت سليمة

تصدقى بالله..نفس الجملة اللى قشعرتك دى قشعرتنى ويمكن هيا السبب الرئيسى اللى خلانى أنقل المقال...لو تسمعى أبويا و أمى ربنا يخلليهم وجدى الله يرحمه بيتكلموا ازاى عن الراجل ده وجنازته كنتى تعيطى بجد...الناس كان ليها قيمة زمان و كانوا بيحسوا باللى بيحبهم..دلوقتى بقى زى مانتى عارفة.....وقريب ان شاء الله حانقارن الجنازتين و معروف مقدما النتيجة

ماتغيبيش عليا كتير...ايه أخبار الألمانى؟

الـسـيـدة نـون said...

اسفين
!!!!!!!!!!!!!!!!

بعد الشر
ويارب ابدا ماحد يوقع بينى وبين الناس اللى بحبهم

انا بس عارفة انك مشغول و وبتاخد وقت طويل على بال ما تنشر بوست جديد

فبالتالى بقيت انا كمان بعدى عليك كل فترة على امل انى الاقى جديدك


بالنسبة لجنازة عبد الناصر
انا فعلا بكيت
بكيت وانا بقرا تفاصيلها
وردود افعال الناس لما سمعوا خبر الوفاة
فى كتاب عبد الناصر والعالم
لمحمد حسنين هيكل


وبالنسبة للنتيجة
كانت اربعة صفر للزمالك
متغلبا على انبي

وش واحدة خيخة بتغمز



الالمانى بخير
وعرفت معانى بعض الالوان وكمان عرفت قرد يعنى ايه


سلام يا محمد
اختك خيخة

الـسـيـدة نـون said...

ايه فين جديدك يا محمد
ومختفى ليه؟

الـسـيـدة نـون said...

انت فييييييييييييييييييين؟

Anonymous said...

i think the archive you wirte is very good, but i think it will be better if you can say more..hehe,love your blog,,,